تواجه كرة القدم في إسبانيا صراعاً مستمراً بين فلسفتين متنافستين. من جهة، نجد المدافعين عن اللعبة الكلاسيكية، التي تروج للحيازة الثقيلة، والتي تأثرت كثيراً بمفاهيم يوهان كرويف. ومن جهة أخرى، يقف البراغماتيون، الذين يركزون على الهيكل والتنظيم والنتائج، كأنماط جديدة فرضت نفسها في عالم كرة القدم.
يتميز المدرب خوان بورغلاس بموقعه الفريد في المعسكر البراغماتي، ولكنه يحمل أيضاً تأثيرات من المدرسة الكرويفية. رغم ذلك، فإن الفرصة لم تتح له لتطبيق أسلوبه الفريد بفعالية، حيث لم تكن الأندية التي دربها في الدرجات المختلفة لكرة القدم الإسبانية تمتلك اللاعبين القادرين على تطبيق هذا الأسلوب.
يعد أسلوب بورغلاس، الذي يعتمد على اللعب المباشر والضغط العالي، جاذباً للاعبين والمشجعين على حد سواء، رغم كونه قد يبدو شديد الصرامة. يعتمد هذا الأسلوب على التفاصيل الدقيقة والهيكل القوي، مما يجعل الحصص التدريبية تمتد لفترات زمنية أطول مما هو معتاد. يجب وزن اللاعبين يومياً، وأولئك الذين يكتسبون وزناً بعد العطلات يتلقون تدريبات إضافية مع وزن إضافي يُربط بأجسادهم.
شهدت مسيرته تحديات مثيرة، بما في ذلك تحدٍ للاعبين لركل الكرة لمسافة تصل إلى طريق M-50 في مدريد، وعرض مبلغ 500 يورو كمكافأة لمن ينجح في ذلك. في ناديه السابق، ألكوركون، كانت هناك تجربة مماثلة تتطلب إخراج الكرة من الملعب، مما يعكس مرونة ورمزية أسلوبه، الذي يعتمد على الجهد والمنافسة.
يعترف اللاعبون بأنهم قد يشعرون بالإرهاق من حدة مطالبه، إلا أنهم يشددون على أنهم عاشوا أفضل فترات حياتهم المهنية تحت قيادته. وقد أكد لاعب مثل خوان كالا، الذي لعب في خيتافي، أنه على الرغم من صعوبة التدريبات، إلا أن بورغلاس ساعده على الوصول لأعلى مستوى في حياته المهنية.
قبل أن يصبح أسلوبه شائعاً، كان بورغلاس قد حدد ثلاثة عناصر أساسية: الضغط العالي، الدفاع المنظم، والاستعداد البدني للاعبين. يعمل على تعزيز التغطية البدنية في الملعب، مما يمنح اللاعبين القدرة على التعامل مع المساحات بشكل جيد.
تشير الإحصاءات إلى أن فريق خيتافي غالباً ما يحتل صدارة الفرق من حيث الدفاع عند النقاط الأبعد من مرماهم. يلتقط الفريق الخصوم في أغلب الأحيان ويحقق أخطاءً عديدة، مما يسهم في تقليل عدد التسديدات على المرمى.
مؤخراً، أضاف بورغلاس أداة تحليلية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، والتي يأمل أن تساعده في تحسين أداء الفريق سواء أثناء حيازته للكرة أو بدونها. يركز على إيجاد الحلول الإبداعية في مواقف الضغط، مما يوفر خيارات جديدة للاعبين.
ومن بين القصص المثيرة التي رافقت أسلوبه، حالة كريستانتوس أوش الذي تم التعاقد معه من نادٍ صغير. بفضل جهود بورغلاس، تمكن من التحول من لاعب وسط إلى مهاجم ناجح، مما عزز صفوف الفريق بشكل كبير.
يعتبر بعض النقاد أن أسلوبه يفتقر للجمالية، إلا أن بورغلاس يفضّل تسميته "الواقعية". ويعبر عن حبه للعبة ويشدد على أهمية التكيف مع اللاعبين المتاحين لضمان النجاح.
استمرار بورغلاس في تحقيق النجاح يجعل منه مدرباً بارزاً، مع قدرة فريدة على التكيف مع الظروف المحيطة به. ومع كل نادٍ يعمل معه، يظل مصمماً على تحقيق نتائج ملموسة رغم التحديات التي قد تنشأ.
يبقى أسلوب المدرب خوان بورغلاس واحداً من تلك الأنماط التي تثير الجدل في عالم كرة القدم. بينما يسعى إلى تحقيق التفوق من خلال الانضباط والابتكار، يعكس أيضًا التحديات التي تواجه الفرق الإسبانية في سعيها نحو النجاح. نجاحه في تحقيق تحول كبير في أداء اللاعبين واستثمار التكنولوجيا الحديثة يبقيه في طليعة المدربين المحترفين.